كانت السياسة على الدوام التربة الخصبة التي نمت فيها الحرية وتطورت. فالأثينيون يعتبرون أن يكون المرء حرّاً ومواطناً وفاعلاً سياسياً نفس الشيء، في تماه مطلق. وهنا نتحدث عن الحرية السياسية لا الحرية الفلسفية الداخلية؛ إذ من دونها لا يغدو للحياة السياسية معنى. " لأن الإنسان بداية، الإنسان يستطيع أن يبدأ؛ أن تكون إنساناً وأن تكون حرّاً هما الشيء نفسه. فالله خلق الإنسان من أجل أن يُحْضِر داخل العالم قدرة البداية: الحرية".([1]) يمكن أن نميز في هذه الورقة البحثية بين الحرية الفلسفية والحرية السياسية؛ فالفكر الفلسفي يربط الحرية بالإرادة، حرية الاختيار، حرية التفكير، فالاختلاف الموجود بينهما أي بين التصور الفلسفي والتصور السياسي للحرية، هو أن الأول تكون الحرية فردية، مرتبطة بسيادة الفرد على أفعاله؛ هو يريد إذن هو حر، أما الحرية في التصور الثاني فهي منفتحة على الآخرين. إذ تنتقل الحرية من شعور داخلي للذات، إلى فعل يكون فيه الكائن البشري فاعلاً، متحاوراً، متفاعلاً مع الآخرين، من الانعزال إلى الانكشاف
Comments