يعيش الناس في مجتمعات سياسية تنظم وجودهم، مجال يحفظ الأمن والاستقرار في المجتمع؛ وحماية حرية الأفراد من خلال مؤسسات متعددة تم إنشاءها لهذا الغرض. ولأن الأشكال التنظيمية تطورت وأعطت ما يسمى بالدولة التي تعتبر العنف وسيلتها المفضلة في التنظيم، وإدماج الكل في الجماعة من أجل تحقيق الخير المشترك والحفاظ على الخيرات المدنية وتنميتها. تقول أرندت (1975 1906) ’منظرة سياسية وباحثة يهودية من أصل ألماني‘ في كتابها ما السياسة؟ ما يلي: " السياسة (كما ندركها) هي ضرورة قهرية للحياة الإنسانية، سواء تعلق الأمر بالوجود الفردي أو الاجتماعي. فالإنسان لا يعيش مكتفيا بذاته، لكن معتمداً على الآخرين، بالنسبة لوجوده ذاته، يجب أن يكون ثمة قلق يتعلق بشأن وجود الجميع، بدونه لا يمكن للحياة المشتركة أن تكون ممكنة".([1]) وبالتالي فهي ضرورية لأنها تساعد الفرد على الوصول إلى أهدافه وتحقيق احتياجاته، إن السياسة موجودة بشكل دائم أينما كان هناك تجمع بشري فثمة هناك سياسة؛ لأن مهمة السياسة حسب أرندت وغايتها تتجلى في ضمان الحياة بالمعنى الواسع للكلمة. تضيف أرندت أيضا ما يلي: " تنشأ السياسة في فضاء هو بين البشر، إذن في شيء ما هو بالأساس خارج عن الإنسان. فلا يوجد إذن ماهية سياسية حقيقية. تنشأ السياسة في الفضاء الوسائطي وتتأسس كعلاقة، وهذا ما كان قد فهمه هوبز".([2]) إذن إن مفهوم السياسة مفهوم واسع جداً، تُطلق على مجال لتنظيم وجود الناس في المجتمع. تضيف "ارنت" من نفس الكتاب ما يلي: " يوجد جواب بسيط وقطعي في ذاته فيما يتعلق بالسياسة، حيث تبدو كل الأجوبة الأخرى عنه سطحية جدا. هذا الجواب هو التالي: معنى السياسة هو الحرية".([3]) ربما لم يفكر أحد من قبل في أن يمنح للسياسة هذا المعنى الذي هو الحرية، فمهمة السياسة حسب "آرنت" تتمثل في ضمان الحياة بالمعنى الواسع للكلمة، أي أن يحقق الإنسان أهدافه في سلام دون أن تتدخل السياسة في إزعاجه.
Comments