إن اللاقدرة على التفكير هي الأخرى المسؤولة عن الشرور، وهو نفس الرأي عند أفلاطون: " لأن أفلاطون أقر بأن الإنسان يمكن أن يفعل الشر بلا إرادته، ولا نعلم إن كان أفلاطون يعتقد أم لا بأن الجهل يسبب الشر وأن الفضيلة يمكن أن نتعلّمها".([1]) تعطينا الفيلسوفة والمنظرة السياسية حنة أرندت مثال اللاقدرة على التفكير بالنازي أدولف أيخمان الذي كان عاجزاً تماماً عن التفكير وكأنه لا يستطيع أن يميز بين الحسن والقبيح. تقول ارنت: "وكلما استمعنا إليه، تيقنّا بأن عجزه عن التعبير مرتبط جدا بقصوره في التفكير".([2]) وليس بعيداً عن أفلاطون فإن أستاذه سقراط كان يستحسن أن يتألم الإنسان من الشر أفضل من أن يفعله. تبعاً لذلك ينبغي الوقوف في وجه الأفعال الشريرة ومنعها من الظهور. إذن ترى المنظرة السياسية بأن التفاهة أو تلقيب الشر بالتافه نظراً لأن القدرة على التفكير كانت غائبة. إن المجازر التي قام بها ايخمان وغيره من موظفي السلطات الشمولية هم جزء تافه من البيروقراطية التوليتارية ؛ حيث الامتثال للقانون ميزة بيروقراطية.
Comments