إن خوض غمار الفعل والمجال العمومي مشروط بامتلاك اللغة والقدرة على الخطابة من أجل التأثير على الآخر، وإقناعه بالكلمات والحجاج بدل ممارسة العنف والإكراه عليه؛ أوَ لم تقل المنظرة السياسية حنة أرندت: " يبدأ العنف حين ينتهي الكلام". لذلك فهي تؤكد على عملية التواصل مع الآخرين بواسطة الفعل السياسي. تضيف ارنت: " إن قدرة الإنسان على الفعل هي التي تجعله كائنا سياسيا؛ وهي التي تمكنه من أن يلتقي بأمثاله من البشر وأن يفعل معهم بشكل متناسق، وأن يتوصل إلى تحقيق أهداف ومشاريع ما كان من شأنها أبدا أن تتسلل إلى عقله. لو أنه لم يتمتع بتلك الهبة: هبة السباحة نحو آفاق جديدة في الحياة".([1]) فالفعل " هو ما يُمارس خارج هذه الانهماكات في الحياة وصنعها، إنه الذي لا يتعلق بماديات العالم وأشيائه بل بالأشخاص الذين يسكنون هذا العالم. إنه ما يتعلق بالوجود مع الآخر والتفاعل معه، إنه الحرية، وهي بدورها السلطة".([2]) الإنسان بالإضافة إلى وجود حياة خاصة له أصبح لديه كذلك حياة سياسية من خلالها يقوم بعدة أنشطة ويصوغ عبارات خالدة بكلمات أو لغة تساعد على الإقناع والاستغناء عن استعمال القوة والعنف، لأن إصدار الأوامر وإرغام الناس بواسطة العنف كانت قديما في الحياة العائلية حيث كانت إمكانية الفعل غير موجودة.
Comments